الثلاثاء، 12 يناير 2010


ايران بين نار ودخان

لم تكن زوبعة فنجان ماحدث في ايران من بداية الانتخابات المنصرمة حيث الاستمرارية إلى يوم عاشوراء يوم انتصار الدم على السيف وانتصار المظلموم على الظالم وتصادف مرور هذه الذكرى من هذا العام بشرى ميلاد سيدنا المسيح بما يحمله من معاني الأمل بالخلاص ، لقد قال الزعيم الهندي غاندي " هندوسي الديانة( لقد تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً وأنتصر ) " وهذا بالذات ما تعلمه أحرار ايران هذه الأيام حيث خرج الإصلاحيون وأنصارهم إلى الشوارع الايرانية إحياء ليوم عاشوراء المجيد والذي واكبه مرور أسبوع على وفاة الإصلاحي المعارض آية الله حسين علي منتظري ، وكلهم حنقاً مما جرى في أواسط الصيف الماضي ولو أن الملدوغ يخاف من جرة الحبل ، فقد ظن حكام طهران أن هذه الحشود ما هي إلا مظاهرات مناوئة للنظام لذا فقد قاموا باستعراض عضلاتهم ومحاولة فرض سيطرتهم على هذه الجموع وأمام هذا الصلف والجبروت تطور المشهد وبسرعة ليغدوا مظاهرات حقيقية أخذت أبعاد أوسع من مظاهرات يونيو الماضي التي اعقبت الانتخابات الرئاسية المشوهة . فإن كانت تلك المظاهرات قد اقتصرت على طهران ، وكانت هناك بقية من حياء في وجوه الآيات في مدى استخدام العنف ، فإن مظاهرات عاشوراء الحالية شملت إضافة إلى طهران عدة مدن أخرى ، كأصفهان ونجف آباد في الوسط وشيراز في الجنوب وبابول في الشمال ومشهد وتبريز وقم والأحواز وغيرها ، ناهيك عن إظهار الوجه الحقيقي للسلطة ، فقد تم استخدام كافة الوسائل الممكنة لتفريق المتظاهرين والتي تراوحت بين الاعتقالات العشوائية إلى الضرب والتعذيب في الميادين العامة وعلى عينك ياتاجر إلى استخدام الرصاص الحي الذي وجه مباشرة إلى المتظاهرين والذي أدى لمقتل خمسة عشر شخصاً وجرح أربعة وعشرون آخرون والحبل على الجرار وهناك ما خلف الستار . ورغم الاستخدام المفرط للقوة ولأنه يوم انتصار الدم على السيف فقد كانت قوات الأمن تهرب أمام المتظاهرين كأنها " حمرٌ مستنفرة فرت من قسورة " .
إضافة إلى ذلك فإن هذه المظاهرات وهذه الغضبة الجماهرية تختلف عن سابقتها حيث لن تتوقف أو تهدأ إلا كما ينتهي أي فيلم جميل بانهزام الظلم والاستبداد وانتصار الحرية والعدالة .
وبغض النظر عن أسباب هذا الغليان الذي يفوق غليان القدور على المراجل فإننا نتسآءل عن مجريات المشهد التالي ؟ لقد طالبت المعارضة من يوم عاشوراء باصلاحات سياسية وإعادة النظر في الانتخابات الرئاسية وحصر مهام ومسئوليات الولي الفقيه . إلا أنه وبعد هذا التاريخ فقد أوجدت الأحداث الأخيرة مشرخاً اجتماعياً في النسيج الايراني إضافة إلى الشرخ السياسي الحاصل حيث أخذت المعارضة بالتمدد والاتساع مكانياً ومجتمعياً لتشمل شرائح واسعة من شعب قهور فها هي إرادة الشعوب تتلاقى مصالحها مع مصالح الاصلاحيين ويقفون صفاً واحداً بوجه شعار الدولة الدينية التي طالما تغنى بها الآيات والتي ما كانت يوماً إلا ستاراً لإحكام قبضة هؤلاء على خيرات البلاد ومقدراتها ومنع الحريات والاستبداد للسلطة حتى لكان المرشد الأعلى ( خامنئي ) اصبح حاكماً بأمر نفسه بعد ان كان الخميني حاكماً بأمر الله .
وأمام هذه الصحوة الجماهيرية وبحركات بهلوانية سريعة تذكرنا بلاعبيّ السيرك وسيلجأ آيات إلى طوق النجاة المتمثل في موضوع الملف النووي حيث تلجأ عصابة طهران وكلما اشتد عليها الضغط الداخلي إلى التمسك بهذا الطوق وبطبيعة الحال ستهب شريكتها من الباطن لنجدتها وتؤزم الخلاف مع ايران وذلك إلهاء للشعب الايراني غن مشكلته الأساسية وتشتيت انتباهه لأمور أخرى ولكسب أصحاب المواقف المترددة بين المعارضة ونظام الحكم وسوقهم لحظيرة احمد نجاد ولكسب الوقت امام المعارضة ، إلا أن هذه الحيل ما عادت تنطلي على أحد وعافت الأنفس هذه الألاعيب ذلك لأن مشكلة الشعب الايراني ليس عند نظامه بل مع هذا النظام .




ahwazi_
fadel@yahoo.com فاضل الأحوازي

0 التعليقات:

إرسال تعليق