الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

تهـافـت الهـلافـيـت_بقلم فاضل الاحوازي


إن كان الغزالي قد كتب في يوم من الايام عن تهافت الفلاسفة، وإن كان قد رد عليه ابن رشد بكتابه تهافت التهافت. فهاهما القدر والتاريخ يجتمعان كأخوين في الرضاعة ليسطران كتابا جديدا وفريدا عن تهافت هلافيت الحكم في بلدان القمع والاستبداد العربية . والآن وبرحيل القذافي بعد أخويه بن علي ومبارك تكون الثالثة ثابتة بانتصار الشعوب العربية على طغاتها وجلاديها، وعلى مبدأ تهافت الهلافيت فإن الدور قادم لا محالة على جلاد آخر مرشح قدريا للسقوط أمام إرادة الشعب، فهل يتعظ ويتعلم ويتدبر الطغاة ؟ أم على قلوب أقفالها ؟ اثنان وأربعون عاما قضاها أبو سيف الاسلام في حكم ليبيا بالسيف والحديد والنار عاث فيها فسادا وتخريبا، ليتحول بلده ذو الثروة النفطية الهائلة الى شبه دولة تفتقد أبسط البنى التحتية، وترك شعبه لقمة سائغة للجهل والعزلة والتهميش . إثنان وأربعون عاما وهو ينكل ويعذب كل صوت معارض لسياساته المضحكة المبكية أو أي صوت يطالب بحقوقه كمواطن أو حتى كانسان لقد عبرت حماقات أبي سيف كافة القارات وعبرت كل الحدود وتعدت كل الخطوط وبكل الوان الطيف الاحمر منها والاسود، فها هو يستخف بالعرب ويستهزأ بافريقيا ويطزطز لامريكا حتى بلغت به الجرأة ان يرى رايه في كتاب الله ويتجرأ عليه، فهل بعد كل هذا التطاول تطاول وهل بعد كل هذا الغرور غرور ؟ أولا يتدخل القدر الرباني ليقول فيه كلمته الفصل في هذا المعتوه الظالم لشعبه ونفسه ؟ ما اكثر الطغاة في عالمنا العربي والذين لم يروا في شعوبهم سوى مجموعات من العبيد خلقوا لتلبية احتياجاتهم النرجسية المريضة في الشعور بالعظمة، فمن العراق العظيم الى الجماهيرية العظمى ايام القذافي، بنى هؤلاء المجانين بالكلمات عظمة بلدانهم التي تفتقد الى ابسط مقومات الدولة، ويعيش شعوبها تحت مستوى الفقر ... وفوق مستوى القهر .ان خطورة هؤلاء الطغاة لا تكمن في تدمير بلدانهم فحسب لكنها تكمن ايضا في تدمير الانسان من الداخل وتحويله الى آلة ركوع دائمة لذات الحاكم الاله الطاغية، تسبح باسمه و تقدس انجازاته وتدعوله بطول العمركي يسرق عمرها، وان اصاب الة الركوع هذه يوما عطل ولم تركع يكون الاعدام مصيرها ومصير كل من اقترب منها . ومع ان لكل طاغية سمات وامراضا وعقدا نفسية تميزه عن الاخرين الا ان سقوطهم الواحد تلو الاخر اثبت انهم يشتركون في صفة واحدة وهي "الحرمنة" فكلما تزعزع عرش احدهم وتهاوى ذهل الناس من كم المليارات التي سرقها، وبانه عظيم في اللصوصية وحدها وهو الذي لم يسرق مال الشعب فقط بل سرق روحه وكرامته وانسانيته . كانت الجرذان تعشعش في تلافيف دماغ القذافي حين سالهم من انتم ؟ فما انتم الا جرذان سنقضي عليها، وكانه كان يدرك في عقله الباطن انه سيختبا ممن سالهم من انتم اختباء الجرذ من قاتله، ومع انه لا شماتة في الموت الا ان القذافي مات ميتة كان يستحقها بعد ان قتل اكثر من خمسين الف بني ادم منذ بداية الثورة الليبية فقط ولا يدخل ضمن هؤلاء من تم قتلهم وتصفيتهم قبل ذلك التاريخ ولا يدخل ضمنهم ايضا الجرحى والمفقودين والى اخره من حبات السبحة الطويلة . والسؤال الذي يدور الان وبعد سقوط ملك ملوك افريقيا وناهب خيرات ومقدرات ليبيا، يا ترى ما الذي يدور في راس باقي الهلافيت المتجبرين المستبدين ؟ هل يشعرون بقرب النهاية ويحاولون مصالحة شعوبهم واصلاح ما يمكن اصلاحه ؟ ام انهم على اثر القذافي سائرون مرددين العبارة المشهورة لا يصلح العطار ما افسد الدهر؟. نعم لا اصلاح بعد اليوم الا باجتثاث الشر من جذوره، لانه اذا ما اقتلعنا شجرة الشر من فوق الارض فقط فانها ستعود لتنمو من جديد وكانك يا ابا زيد ما غزيت فلا اصلاح الا باجتثاث الشجرة الخبيثة من جذورها ونصيحتي الاخيرة لباقي جوقة الظلم والاستبداد ان يحملوا قشهم ويرحلوا الى اقاصي الدنيا نجاة بارواحهم وان يدعوا ارواح احيائنا تعيش بسلام . ahwazi_fadel@yahoo.com

0 التعليقات:

إرسال تعليق