انتهت المظاهرات في مصر و عاد الناس إلى بيوتهم و أعمالهم و ربح من ربح و خسر من خسر و أخذ العبرة من أراد أن يعتبر سواء من الحكام أو من المحكومين على مستوانا الإقليمي أو الدولي .فمن ناحية قادة الدول و أصحاب القرار فيها صاروا يحسبونها من حيث الربح و الخسارة و يحسبون إلى أي درجة يمكن أن يقدموا تنازلات من حيث التوظيف و ترخيص اسعار السلع و تقديم الخدمات للمواطنين و حساب الحدود الدنيا من سرقاتهم لشعوبهم التي لا يمكن أن يتنازلوا عنها ، و يقف على الضفة الأخرى من النهر شعوب دول تحاول أن ترفع حدود مطالباتها لقادتها إلى أبعد حد و هو تنازل الحكام عن مناصبهم تمهيدا لمحاكمتهم على ظلمهم و سرقتهم لخيرات هذه الشعوب. إلا نحن – أهل الاحواز – فإننا كأهل الاعراف الوارد ذكرهم بالقرآن الكريم لا نعرف مصيرنا و مآلنا هل إلى الجنة فنتقلب بنعيمها أم إلى الجحيم - و قانا الله و إياكم لهيبها و سعيرها – لنتحول عندها بقوة الله و نعوذ به .يا أهل وطني كنت طوال الفترة السابقة متسمرا بجانب التلفاز أتابع أحداث أرض الكنانة و أقفز كالقرد الذي يطأ نارا من نشرة أخبار إلى أخرى و من تعليق على خبر هنا إلى مقابلة محلل سياسي هناك ،و طوال هذه الفترة ترتسمون و الوطن الغالي أمام ناظري حتى بت أراكم في منامي قبل يقظتي .لقد هب الشعب المصري ضد جلاده و ظالمه و أقسم أن لا يرحل حتى يرحل آخر الفراعنة عن عرش مصر و أن لا يبرح الأرض حتى يأذن له ربه ، و قد حقق هذا الشعب العظيم ما أراد و نال ما تمنى , حسنا فإن كان هذا عمل من تم ظلمه خلال ثلاثين عاما فما بالكم أنتم الذين ظلمتم لأكثر من ثمانين عاما ما بالكم و المجرمون طوال هذه الفترة يعيثون بالأرض فسادا و أهلكوا الحرث و النسل يحاولون طمس هويتكم و هضم حقوقكم في التعليم و الصحة و الأمن و حتى العقيدة لم تسلم من أذاهم .أيها الأحوازي الأبي أما آن لك أن تستفيق من غفلتك و أن تستيقظ من رقادك و تنهض من كبوتك أما آن لك أن تأخذك الغيرة و الحمية مما يجري من حولك فالملايين أفاقت من كراها أما تراها ملأ الكون صداها تتمرد على الظلم تقارع الطغيان تطالب بحقوقها و قد زلزلت قصور و تهاوت عروش حكامها من أبناء جلدتها فما بالكم أنتم و حكامكم ليسوا فقط غرباء عنكم بل إنهم يحيون على أنقاض كرامتكم ثارات خبيثة تمتد مئات السنين و يشربون نخب انتصاراتهم من دماء شهدائكم الزكية.أما بكم شوق لرفع علم بلدكم المحرر المستقل و للتغني بنشيد وطني يملأ الصدور فخرا و اعتزازا .أيها الأحوازي متى ستنتعل الحاضر بقدميك و تجعله مطية لك و تقطع شرايين الخوف من قلبك و لتكتب مستقبل أبنائك بأحرف كلماتها من روحك و دمك و متى ستلبس ماضيك العتيد من رأسك إلى أخمص قدميك و تقر أن هويتك هي مستقبلك و فخرك و زهوك ، متى ستهتف بموكب الأمم أنك قادم للأجيال بصفائح من نور خطها أطهر قلم ،متى ستمسح دموع الثكالى و الأرامل و الأيتام ، و تخفف عنهم الألم و تزيل عنك القيود و الأثقال . متى ستحطم بكفيك و قدميك كل الرمم و تصرخ بوجه الطغاة أنك ستستعيد شرفك من الأرذال و ستنتقم من الجلادين .لا شيء في الحياة يأتي سهلا و لكل شيء ثمن فلا يشعر بلذة الراحة إلا من ناله نصيب من تعب و من أراد الحصاد لا بد له في البداية من الزرع . شمروا عن سواعدكم و ابدؤوا الزرع من الآن فهذا أوانه ، و لا بد فيه من التضحيات و الآلام ، لا بد فيه من العذاب و الحرمان و التنكيل ، إلا ان المقابل سلعة غالية لا تعدلها أية سلعة ، إنها الوطن الذي ستعيش فيه رافع الرأس موفور الكرامة و يهنأ بالعيش فيه أبناؤك و أحفادك . فليكن قدح الزناد كلمة "لا " امام أصحاب الوجوه الصفراء و القلوب السوداء ، إجعلها تخرج عالية مجلجلة تصم بها آذان الطغاة و تقطع بها الاوصال و القلوب ، عندها ستجد أخاك الذي على ميمنتك و جارك الذي على ميسرتك يقولها و يضيف إليها و يضيف الثالث و الرابع إلى أن تكونوا عصابات حق أمام جلاد ظالم و سيصدق فيكم و تطبقون قول الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة>>> فلا بد أن يستجيب القدر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي>>> وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
فاضل الاحوازي...ahwazi_fadel@yahoo.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق