كنت على وشك أن أقوم بجردة حساب للسنة التي حزمت حقائب احزاننا موشكة على الوداع للأبدأ بعد الجرد بالعد من جديد لسنة جديدة تستقبلني بوجه عبوس قمطريرا كأختها الراحلة الا أن استفتاء محطة البي بي سي عن أهم شخصية مؤثرة في العام المنصرم قيد انتباهي من وسطه و منعه عن الحركة لا الى الأمام و لا الى الخلف و دارت رحى أفكاري حول تلك الشخصية و التي لم أجدها الا فيك أنت .
صباح الخير أيتها الناعسة كعصافير الثلج الذهبية.
صباح الخير ايتها الطاهرة النقية الابية .
لقد وجدتك أنت سيدة العام و العالم والتي ينبغي على الرجال أن يخجلوا منك و يتصاغروا بذكورتهم أمامك ، وعلى القمر أن يتوارى خلف غيوم الشتاء الداكنة اذا ما لحت له يوما . و اذا ما سار الجبل يوما الى جانبك عليه أن يحني هامته احتراما و مهابة لك . ان كنت قد تعلمت في الصغر ألا أقبل الا يد الكبير الجليل فانني أنحني و بكل فخرلأقبل يد كل امرأة من نساء الأحواز الفقيرة و اليتيمة والأرملة والثكلى أم الشهيد والجريح والأسير..عندما انهار الاتحاد السوفيتي امتلأت علب الليل و زواريب الشوارع بنساء الحانات الائي جئن ليرقصن على أشلاء الوطن الذي ذاب كرجل الثلج في يوم مشمس . وعندما سقطت ألمانيا سقطت معه معظم النساء في أحضان المنتصر , وبعد تحرير فرنسا كان يتم حلق شعر عشرات النساء في كل شارع من شوارع باريس و المدن الكبرى لأنهن تعاونّ مع النازي المحتل . في معظم البلاد التي تم احتلالها انتشرت الحانات و المراقص و الملاهي وامتلأت بنساء البلد يرفهن عن جنود المحتلين . هذه سنة الحياة و قواعدها عند بنات حواء في أزمنة الظلام و على مر العصور ,الا أنت يا أم الطهر والشرف والعفاف فلم تقدمي نفسك إلا شهيدة، أو أرملة أو ثكلى. إلا أنت يا جذع النخل الأمرد الأجرد الا من طهرك و عفافك . عصرتك المحن وانهالت عليك المعاول.
لم تنعصري ولم تنكسري . و وقفت في وجه الرياح العاتية تهزأين بقدر يحاول فرضه ليك الباغي أنت يا أمي، ويا ابنتي، ويا أختي، ويا حبيبتي، اسمحي لي أن أتذكرك فقد نسيك الكثيرون.. أنت أيتها الصابرة الطاهرة، يا أغلى من ساكنات القصور..
تراب الوطن الذي يعفر وجهك كسحب تعانق وجه القمر أجمل وأنبل من كل المساحيق.. و كومة الحطب التي تحملينها على راسك هي تاج و اكليل ملكي يحسدك عليه كل من يعرف مقدار الكرامة و عزة النفس و جلبابك المثقوب لا أدري من ثقبه !! هل هو رصاص غدر العدو في ظهرك ... أم نظرات الحسد على طهرك؟.. أيتها الأميرة النبيلة الأصيلة... جُعت فرضيت بالكفاف، وتعريت فاكتسيت بالعفاف..
أنت السيدة بين السيدات، فوق السطوح تراقبين وطنك، أو تحت الأنقاض تحضنين طفلك..تضعينه في حجرك ترضعينه حب ذلك الوطن و الحقد النبيل على من يسحق الفراشات بالرحى . طريق الجنة تحت قدميك.. و مـُـلاس كـــــارون بين يديك..
ـ يا أشرف النساء ـ اسمحي لي بقبلة على يديك ..
احتج الموت يوما على كثرة رواده و قرر الانكفاء على ذاته الا أنك رجوته ألا يقبل الا أبناءك و لا يقبل منهم الا الشهيد رجلا أو طفلا او حتى شيخا أو امرأة ، و كنت تقدمينهم بكل رضا و سعادة قربانا للوطن على مذبح الكرامة و أمل الحرية وأخذوا يسيرون و يجدون بالمسير و ان كان الطريق وعرا لدرجة أنه أدمى اقدامهم الا أنهم صابرون محتسبون لأنهم يعلمون أنه لابد لليل أن ينجلي و سيأتي الفجر بنهار جديد .
فاضل الاحوازي...ahwazi_fadel@yahoo.com
0 التعليقات:
إرسال تعليق